كتب في 5 أوت 2018
لا يخفى على أحد أن نادي أولمبيك مدنين يعيش وضعية قانونية ومالية صعبة تزامنت مع نهاية المدة النيابية للهيئة المديرة السابقة تحت قيادة رئيس الجمعية السيد محمد السعيدي وهبوط الفريق للرابطة المحترفة الثانية بعد موسم
كروي قضته الجمعية في الرابطة المحترفة الأولى بعد سنوات من الغياب وإكتفت فيه بالتواجد لموسم واحد خاصة مع الصعوبات المالية العديدة وغياب التمويل الكافي للجمعية من أجل خلاص مستحقات اللاعبين ومصاريف الإقامة والتنقل والتمارين رغم مبادرات الأحباء والمشجعين للجمعية ورغم الدعم العمومي الذي لا يكاد يفي بالحاجة.
كان من المنتظر أن تكون نقطة الهبوط للرابطة المحترفة الثانية ، نقطة بداية لإعادة البناء وذلك بالقيام بجلسة عامة تتم فيها المصادقة على التقرير المالي والتقرير الأدبي بالتوازي مع الجلسة الإنتخابية وذلك تحت إشراف هيئة انتخابية مستقلة لتكوين هيئة مديرة جديدة ترفع رهان العودة للرابطة المحترفة الأولى وتعيد الأمور لمجراها بتسوية وضعية اللاعبين المتعاقدين مع الجمعية وإمضاء عقود إنتداب جديدة وتسوية وضعية الفروع الشابة للجمعية التي تشرف على تكوين أكثر من 200 لاعب في مختلف الأصناف.
لم يحصل المنتظر ودخلت الجمعية في بوابة التأجيلات المتتالية للجلسة العامة الإنتخابية تارة بسبب عدم جاهزية التقرير المالي والأدبي وتارة أخرى بسبب إستقالة رئيس الهيئة الإنتخابية ووصلت البوابات المغلقة لأقصاها بإحالة المسألة الإنتخابية للجامعة التونسية لكرة القدم للإشراف على هذه الإنتخابات برمتها وهو الأمر المنتظر حدوثه في أقرب الآجال حتى تستلم الهيئة المديرة الجديدة مهامها وتنقذ ما أمكن إنقاذه قبل بداية الموسم الرياضي في شهر سبتمبر القادم.
نحاول في هذا المقال الإحاطة بالإشكاليات القانونية والواقعية التي تحدث داخل الجمعية وطرح “مقترحات حلول” يمكن إعتمادها والبناء عليها لحل هذه الإشكاليات.
• الإنتخابات : تعهد الهيئة المستقلة للإنتخابات للجامعة التونسية لكرة القدم :
أصدر رئيس نادي أولمبيك مدنين السيد محمد السعيدي بلاغا بتاريخ 27 جويلية 2018 متعلقا بتأجيل الجلسة العامة الانتخابية التي كانت مقررة ليوم 28 جويلية 2018 وذلك ” بسبب إستقالة رئيس اللجنة المشرفة على الإنتخابات وبناء على ضيق الوقت لإيجاد رئيس معوض لهذه اللجنة”،كما بين في ذات البلاغ أنه تم مخاطبة الجامعة التونسية لكرة القدم قصد الإشراف على دواليب الجلسة العامة الإنتخابية والقيام بالإجراءات القانونية اللازمة في التثبت من القوائم المترشخة وتحديد موعد جديد ونهائي لهذه الجلسة الخاصة بالفترة النيابية القادمة أن يفتح باب الترشحات وبيع الإنخرطات من جديد.
فتح هذا البلاغ الباب مجددا لقبول الترشحات وبيع الإنخراطات وذلك وفقا للقانون الأساسي للجمعية كما أن هذا البلاغ الأخير الصادر عن رئيس الجمعية كان بمثابة الحل شبه النهائي لمعظلة إنعقاد الجلسة العامة الإنتخابية التي برمجت في تواريخ مختلفة منها موعد 29 جوان 2018 ( تم تأجيل الموعد لجلسة 14 جويلية 2018 بسبب عدم جاهزية التقريرين المالي والادبي ) ومن ثمة موعد 14 جويلية 2018 ( تم تأجيل الموعد لجلسة 19 جويلية 2018 بسبب عدم جاهزية التقرير المالي ) وصولا لموعدي 19 جويلية و 28 جويلية ( تم تأجيلهما بسبب إستقالة رئيس اللجنة المشرفة على الإنتخابات ).
تعهد الجامعة التونسية لكرة القدم يبدوا أنه الحل الأمثل أمام عجز الهياكل الداخلية للجمعية عن القيام بالإنتخابات والتأجيل المتتالي لكل موعد يقع تحديده ،وما على الهيئة المستقلة للإنتخابات للجامعة التونسية لكرة القدم إلا الإجتماع والبت في ملف التعهد بالإنتخابات نادي أولمبيك مدنين حسب أحكام الفصل 29 مكرر من القانون الأساسي للجامعة التونسية لكرة القدم .كما أن الهيئة ستتعهد بالبت في مدى توفر شروط الترشح لتعيين موعد الجلسة ومكانها والإشراف على العملية الإنتخابية برمتها.
عموما ورغم أن الحل يبدوا من الناحية القانونية سليما فإن الغموض يكتنف إجراءات تطبيقه خاصة أمام عدم حسم الهيئة المستقلة للإنتخابات داخل الجامعة التونسية لكرة القدم في قبول الإشراف على إنتخابات نادي لحدّ اللحظة إضافة إلى عدم قدرة عديد الأحباء والراغبين في الترشح على شراء الإنخراطات وتقديم ترشحاتهم لكتابة الجمعية أمام إستقالة الكاتب العام للجمعية وعدم تعويضه بعضو جديد.
كما أن المتابع لوضعية نادي أولمبيك مدنين يعرف وأن المسألة غير مرتبطة بمن يمسك مقاليد بقدر شمولها لمساءل أخرى تحمل قدرا من الأهمية على غرار المساءل المالية وضرورة لم الشمل وتضافر جميع الجهود للنهوض بوضع الجمعية.
• التقرير الأدبي والمالي نقطة الإنطلاقة : التمويل العمومي غير كاف والبحث عن تمويلات أخرى ضرورة :
يعتبر التقرير المالي والأدبي من ضمن أهم الوثائق التي يمكن أن تكشف الوضعية التي يعيشها نادي أولمبيك مدنين وتبين أهم الأحداث التي مرت بها الجمعية خاصة خلال الموسم الذي قضته بالرابطة المحترفة الأولى كما أن التقرير المالي من شأنه الوقوف على وضعية ميزانية الجمعية ومصادر دخلها ومصاريفها خاصة وأن العجز المالي للجمعية كان واضحا من خلال عدم قدرة الجمعية على خلاص مستحقات اللاعبين والمدربين ومستحقات الضمان الإجتماعي مما إضطر اللاعبين للإضراب خلال الموسم الرياضي الفارط ومما دفع كذلك رئيس الجمعية محمد السعيدي إلى التلويح بالإستقالة في عديد المرات والتراجع عنها في كل مرة أمام الوعود بالدعم من أبناء الجهة والسلط الجهوية والمحلية.
أهمية التقرير المالي مسألة تهم المترشحين لرئاسة الجمعية الذين يتوجب عليهم الوعي بأن الدعم المالي العمومي المتأتي من الجامعة التونسية لكرة القدم ومداخيل البث التلفزي وشركة البرومسبور والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة (وزارة الشباب والرياضة) والولاية وبلدية مدنين غير كاف حتى وإن أضفنا له تبرعات الأحباء وإشتراكتهم السنوية ، وأن إحدى مهام الهيئة المديرة القادمة هو إيجاد التمويل الكاف لنشاط الجمعية عبر توسعة موارد التمويل بمحاولة إيجاد إتفاقيات رعاية وإشهار للشركات التجارية بالجهة والإستفادة من تجارب الجمعيات التونسية الكبرى التي أنشأت مجموعة من الشركات لبيع خطوط الهاتف الجوال والملابس الرياضية بعد حماية علامة النادي وشعاره.
• مساءل مستقبلية هامة : تنقيح النظام الأساسي وفتح المجال للكفاءات بالجهة :
لا تقف التحديات التي تواجهها جمعية ” نادي أولمبيك مدنين ” العريقة والتي تأسست في سنة 1954 عند المساءل المذكورة سابقا بل على الهيئة المديرة القادمة أن تنظر للمستقبل وأن تبني جمعية قادرة على المنافسة في المسابقات الكبرى ، الأمر الذي يفترض توسيع دائرة التفاعل مع الجمعية نحو إقرار مبدأ التشاركية والتشاور في التسيير وذلك بالمرور أولا بتنقيح النظام الأساسي للجمعية الذي مازال مقتصرا على إنتخاب رئيس الجمعية دون الهيئة المديرة التي يقع تعيينها وهو الأمر المخالف لمقتضيات التشريع الرياضي في تونس وخاصة القانون الأساسي للهياكل الرياضية لسنة 1995 والمنقح بالمرسوم عدد 66 لسنة 2011 الذي أكد على وجوبية أن تشمل الإنتخابات كافة الهيئة المديرة إنسجاما مع الفصل 5 جديد من قانون الهياكل الرياضية لا شخص رئيس الجمعية فقط.
إن تنقيح النظام الأساسي للجمعية من شأنه أن يفتح الباب في المستقبل لترشحات على أساس القائمات ، التي تجعل من تسيير الجمعية أكثر نجاعة عن طريق قائمة كاملة منتخبة تفتح الباب للكفاءات بالجهة .وفي إنتظار هذا الحل يمكن الللجوء وفي الوضعية الحالية لإنشاء لجان إستشارية تعنى بالمساءل المختلفة من توفير الدعم المالي والقانوني والتسويقي والإعلامي للجمعية.